مركز الهدهد للدراسات الأثرية يصدر تقرير” ذاكرة اليمن الأثرية بين التهريب والتغريب”

مركز الهدهد للدراسات الأثرية يصدر تقرير” ذاكرة اليمن الأثرية بين التهريب والتغريب”


تزامناً مع ” #اليوم_الدولي_لمكافحة_الاتجار_غير_المشروع_بالممتلكات_الثقافية ” الذي يوافق الـ14 من نوفمبر، نظم مركز الهدهد للدراسات الأثرية، اليوم الخميس 23 ربيع الآخر 1444هـ الموافق 17 نوفمبر 2022م بصنعاء، فعالية خاصة بإصدار تقرير “ذاكرة اليمن الأثرية بين التهريب والتغريب”. الذي يرصد ويوثق الآثار اليمنية المنهوبة والمعروضة في أبرز المزادات العالمية خلال الفترة (1991-2022) .

الفعالية التي حضرها رئيس قطاع الثقافة والإعلام برئاسة الجمهورية الأستاذ/ حسن الصعدي، ووزير الثقافة الأستاذ/ عبدالله الكبسي، ورئيس الهيئة العامة للآثار والمتاحف الأستاذ/ عباد الهيال، والقاضي علي المتوكل محامي عام نيابة الأموال العامة، ومدير مكتب النائب العام القاضي محمد الحرفي، وعدد من الأكاديميين والمختصين والمهتمين.

استهلت الفعالية بآيات من الذكر الحكيم والنشيد الوطني، ثم رحب المدير التنفيذي لمركز الهدهد للدراسات الأثرية الدكتور/ فهمي الأغبري بالحضور، ووضح أن مسألة التهريب قديمة وإن زادت مؤخرا مع عدوان التحالف بشكل كبير والذي لم يكتف بقتل اليمنيين وتدمير بنية الوطن التحتية، بل عمل على تشجيع نبش وتخريب المواقع الأثرية وتهريب القطع التي ظهر منها العديد في بعض المزادات العالمية.

وأشار الأغبري إلى أن هذا التقرير يعد الأول من نوعه، ويعنى برصد ما تقوم به المزادات العالمية من بيع القطع الأثرية اليمنية التي وصلت إليها عبر ناهبي الآثار وتجارها، ويأتي استشعارا للمسؤولية من قبل المركز تجاه ما تعانيه الممتلكات الثقافة اليمنية من محاولات تجريف وتغريب وصلت إلى حد لم تبلغه من قبل وخاصة في العقود الأخيرة .

مسؤولة الدراسات والبحوث بالمركز الدكتورة/ هديل يوسف الصلوي استعرضت مكونات التقرير وأهدافه والمنهجية المتبعة والصعوبات التي واجهت فريق العمل أثناء الإعداد التي بدأت منذ بداية العام الجاري.

رئيس الهيئة العامة للآثار والمتاحف الأستاذ/ عباد الهيال، أشار في كلمته إلى أن العدوان والغزاة استهدفوا الآثار اليمنية بشكل منظم من خلال عمليات النبش والتدمير والتهريب والنهب؛ نظرًا لدلالتها الحضارية والتاريخية العميقة والمتأصلة في فكر الإنسان اليمني ووجدانه.

وأوضح الهيال أن نبش الآثار والاتجار بها لم يقتصر على الغزاة بل هناك من أبناء الوطن من ضعاف النفوس وعديمي الضمير من عمل على بيع جزء من تاريخ وطنه، مؤكدا أهمية وجود تكاتف بين الجهات الرسمية المعنية والمنظمات المحلية والدولية لمنع تهريب الآثار اليمنية والاتجار بها ومعاقبة مرتكبيها.

من جانبه أشاد راعي الفعالية وزير الثقافة الأستاذ/ عبدالله الكبسي، بجهود القائمين على المركز الذي يعد عاملا من العوامل الرافدة لهيئة الآثار في الحفاظ على تراث اليمن الذي تعرض للنهب والتهريب والتشويه على مدى حقب تاريخية أبرزها الاحتلال البريطاني، وحرب ٩٤، ومرحلة العدوان التي استهدفت تراث وهوية وتاريخ البلد وبخاصة في المناطق الجنوبية من خلال السطو والنهب عبر أدوات ومرتزقة العدوان.

وأكد أن ما تتعرض له الآثار اليمنية من تدمير وتهريب بشكل ممنهج هو استهداف مباشر لطمس تاريخ اليمن وهويته، وهو جزء لا يتجزأ من المعركة ما يتطلب خلق وعي اجتماعي لمكافحة هذا التوجه الخطير، منوها بضرورة إيجاد عملية تكاملية موحدة بين الجهات المعنية بالتراث والآثار لتوحيد العمل والرؤى بما يكفل الحفاظ على الهوية الأثرية اليمنية.

محامي عام نيابة الأموال العامة، القاضي علي المتوكل، بدوره أوضح أن الجانب القانوني يستشعر المسؤولية من خلال محورين الأول: جرائم العدوان والاستهداف للأماكن والمواقع التراثية والأثرية في اليمن، والثاني: إعداد تقرير الرصد والتوثيق والتنسيق في الداخل والخارج، وتنفيذ دورة تدريبية للمختصين من النيابة والآثار والثقافة وصولاً لإعداد الملف القضائي الذي يعد ترجمان لتقرير المركز.

الأستاذ/ حسن الصعدي مسؤول قطاع التعليم والثقافة والإعلام، أشار إلى عمق اليمن الحضاري الذي يزخر بإرث انساني متعدد وبعلماء ومفكرين وباحثين في مختلف العلوم والمعارف ولديه تاريخ مشرف وعميق متوغل في القدم.

ولفت إلى أن أمريكا والدول التي لا تحمل حضارة وثقافة وتاريخ عمدت إلى تشويه وضرب تاريخ وحضارة الأمة لطمس هويتها ونهب ثروتها بما فيها موروثها الثقافي، مؤكدا مسؤولية أبناء اليمن في حماية تاريخهم والحفاظ على تراثهم ومنع أي مخططات لتدميره وتهريبه وبيعه.

الصعدي في ختام كلمته شدد على ضرورة تحديث القوانين المتعلقة بهذا الجانب وتفعيلها كي تؤدي غرضها في المساهمة في التوثيق المستمر للآثار والتراث، ورصد عمليات النهب والتهريب، واستعادة القطع المهربة ومحاسبة ومحاكمة من يقومون بالاتجار بالآثار اليمنية.

في الختام قام الأستاذ/ عبدالله محسن موسى بقراءة خلاصة التقرير والتوصيات، مبيناً أن هذا التقرير يُعد بلاغاً رسمياً يتقدم به مركز الهدهد للدراسات الأثرية إلى النائب العام. 

ووضح موسى أن التقرير قد خلص إلى:

  • حصر وتوثيق (4265) قطعة أثرية مهربة، تم عرضها في المزادات الإلكترونية في (6) دول: هي أمريكا (5 مزادات) تليها بريطانيا (4 مزادات) ثم فرنسا (3 مزادات) والكيان الصهيوني (مزادان) وأخيراً ألمانيا وهولندا (مزاد لكل منهُما).
  • بلغ عدد القطع المعروضة والمباعة خلال فترة العدوان (مارس 2015- أغسطس 2022) (2610) قِطَع.
  • كان هناك تفاوت في أعداد القطع الأثرية بحسب الدول، حيث جاءت أمريكا في المركز الأول بعدد (2167) قطعة، ثم هولندا ثانياً بعدد (972) قطعة، وثالثاً الكيان الصهيوني بعدد (501) قطعة، ورابعاً بريطانيا بعدد (421) قطعة، ثم فرنسا التي جاءت خامساً بعدد (135) قطعة، وأخيراً ألمانيا بعدد (69) قطعة في المركز السادس.
  • تنوعت مادة صُنع القِطَع الأثرية اليمنية المعروضة في المزادات الإلكترونية، فظهرت منها الحَجَريَّة بعدد (1155) قطعة، والمعدنية بعدد (1704) قِطَع و(5) قطع خشبية وعدد (4) قطع قماشية وقطعة واحدة زجاجية، بينما كان للمخطوطات النصيب الأوفر، حيث بلغ عددها (1369) مخطوطة.
  • التقرير يوضح عدد القطع التي تم التأكد من بيعها وهي (2523) قطعة بمبلغ تقديري يصل إلى حوالي (12,257,854) دولاراً قيمة القطع المباعة، أي ما يعادل (6,864,398,604) ريال يمني، أما القطع التي ما زالت معروضة أو لم يتم التأكد من بيعها فبلغت (1742) قطعة، منها (632) قطعة معروضة بمبالغ بلغت في حدها الأدنى (3,517,732) دولار، و(1110) قطعة بدون أي مبالغ.
  • من بين القطع الأثرية التي رصدها التقرير قطع وصلت في سعرها إلى أكثر من 800 ألف دولار، مثل المخطوطة التي تعود إلى القرن الخامس عشر الميلادي باعها مزاد “سوثبيز Sotheby’s” في العام 2014 بمبلغ (845,000) دولار، وكذلك قطعة أخرى تمثّل تمثالاً برونزياً يعود للفترة (القرن 1 ق.م – القرن 1 م) بيع في مزاد “كريستيز Christie’s” بمبلغ (576,000) دولار في العام 2007، إضافة إلى تمثال حجري من المرمر يعود للفترة (القرن 3 ق.م – القرن 1 م) بيع في العام 2021 بمبلغ (499,000) جنيه إسترليني، عبر مزاد “سوثبيز Sotheby’s”، كما أن الحد الأدنى للبيع قد بلغ أقل من (100) دولار لبعض القطع.
  • الإحصائيات الأولية لنماذج القطع الأثرية اليمنية شملت (7) متاحف عالمية، أظهر تعريف هذه المتاحف أنها تمتلك أكثر من (1384) قطعة، حصلت عليها بعدة طرق خلال العقود الماضية.
  • قائمة أصدرها تحالف الآثار في 2018 تحتوي على سجلات لعدد (1631) قطعة تم نهبها من متحف عدن الوطني ومتحف تعز الوطني والمتحف الوطني في زنجبار.
  • قائمة أصدرتها الهيئة العامة للآثار والمتاحف خلال الفترة (مايو-يوليو 2022) باسم “آثارنا المنهوبة” تحتوي على عدد (507) قطع أثرية يمنية منهوبة ومهرَّبة من اليمن.

وختم التقرير بعدد من التوصيات:

إلى مجلس الأمن:

  • ندعو مجلس الأمن لتحمل مسؤوليته وفق القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة بتجريم العدوان على اليمن وإيقافه، وإصدار قرار يُلْزِمُ الدول والجهات والمؤسسات العامة والخاصة بإعادة كل الممتلكات الثقافية اليمنية التي تم إخراجها من اليمن.
  • ندعو مجلس الأمن إلى إلزام دول التحالف بتحييد الممتلكات الثقافية اليمنية وإلزامها بتنفيذ بنود القانون الدولي الإنساني والاتفاقيات الملزمة بعدم تعريض المملتكات الثقافية لأي ضرر، وتحمل المسؤولية في إرجاع الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة وتعويض الأضرار الناجمة عن العدوان.

إلى الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها:

  • ندعو الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها وخاصة (اليونسكو) إلى دعم الجهود الوطنية في حصر وتوثيق المعالم والممتلكات الثقافية لإنشاء قاعدة بيانات مكتملة.
  • ندعو الأمم المتحدة ومنظماتها إلى دعم الجهود الوطنية لإنشاء متحف وطني يضم القطع الأثرية اليمنية التي تمثل تاريخ وهوية الشعب اليمني منذ آلاف السنين.
  • ندعو الأمم المتحدة ومنظمة (اليونسكو) إلى إلزام الدول الأعضاء والإنتربول الدولي للعمل على إعادة كافة القطع الأثرية والممتلكات الثقافية اليمنية من المزادات والمتاحف العالمية.

إلى الحكومة اليمنية:

  • مطالبة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بإصدار قرارات تجرِّم عمليات النهب والتهريب للممتلكات الثقافية اليمنية والعمل على استعادتها.
  • تعديل قانون الآثار اليمنية، بما يضمن إعطاء السلطات الأثرية الصلاحية الكاملة في إدارة وتنظيم عمليات حفظ وتوثيق التراث الثقافي.
  • تعديل قانون الآثار وقانون الجرائم والعقوبات لتشمل الجرائم المتعلقة بالتراث الثقافي وتشديد العقوبات فيهما بشكل يكون رادعاً لمرتكبيها.
  • تدريب الكوادر المختصة سواء في السلطة الأثرية أو الجهات المعنية على قواعد القانون الدولي الإنساني والقوانين الدولية التي تعمل على حماية الممتلكات الثقافية.
  • تفعيل دور القضاء والنيابة المختصة بالآثار وتوسيع عملها لتشمل كافة القضايا المتعلقة بالآثار وحمايتها.
  • العمل مع النيابة العامة ووزارة العدل على التوعية بالقانون الدولي الإنساني وتضمين عقوبات استهداف الممتلكات الثقافية ضمن القوانين الوطنية.
  • دعم جهود الهيئة العامة للآثار والمتاحف لحصر وتوثيق الممتلكات الثقافية في المتاحف العامة والخاصة.
  • إشراك منظمات المجتمع المدني ومراكز الدراسات المتخصصة جنباً إلى جنب مع السلطات في برامج التوعية والحماية للممتلكات الثقافية.
  • حصر وتوثيق المعالم والمواقع الأثرية اليمنية المتضررة من العدوان وكذلك القطع الأثرية التي تم نهبها وتهريبها خارج اليمن وإعداد ملفات قانونية للمطالبة بها.
  • تعزيز العلاقات الدولية مع دول الجوار بما يحفظ حق السيادة والحد من عمليات نهب القطع الأثرية والممتلكات الثقافية، والعمل على استعادة المضبوطات في هذه الدول.

وفي نهاية الفعالية قام المدير التنفيذي لمركز الهدهد بتسليم نسخة من تقرير “ذاكرة اليمن الأثرية بين التهريب والتغريب” إلى القاضي علي المتوكل محامي عام نيابة الأموال العامة كبلاغ يتقدم به المركز الى النيابة العامة ليتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.

admin

اترك تعليقاً